السبت، 26 يناير 2019

العنايةُ بالقواعد و المُحكمات هي أساس الهداية ،  ومُقدّمةُ التأصيل

العنايةُ بالقواعد و المُحكمات هي أساس الهداية ، ومُقدّمةُ التأصيل

العنايةُ بالقواعد و المُحكمات هي أساس الهداية ، ومُقدّمةُ التأصيل

   {العنايةُ بالقواعد و المُحكمات هي أساس الهداية ،  ومُقدّمةُ التأصيل  }

من  خلال مُدارستي مع كثير من الطّلاب علمَ العقيدة 
كنتُ أجدُ بعضَ الشباب المُتعجّل للدخول في التفاصيل والتطرُّق للجزئيات قبل وقتها، المُولعِ بإيراد الإشكالات والشبهات حتى دون أدنى داعٍ ، ودُون أن يتصور أو يُحْكم أصلَ ما يُقال أو حتى يفهمه جيدا أو يعرف أدلته ووجهَها !

كأن تراه – مثلا - في بداية مُدارستنا لمسائل الإيمان، والصفات، وإخلاص العبادة، والقَدَر، والنّبوّات  وبيان قواعدها الإجماليّة، ومُحكماتها الكُليّة، وأهم مسائلها  :  يتعرض للمسائل الجزئية الفرعيّة التي لا ذكر لها في هذا المقام ولا تناسبه كمسألة الإعذار بالجهل، أو الحكم بغير ما أنزل الله أو الخروج على الحاكم، أو صفة العينيْن، أو عصمة الأنبياء  أو نحوها ، و يريدُ تفصيلها دُون أن يتعرف على :
القواعد و المُحكمات في تلك الأبواب، ولا الأدلة عليها ووجهها
ولا تَعرّفَ على المسائل الكبرى فيها.

أو تراه :  يذكر شبهاتٍ لا تُناسب الكتاب، ولا تناسب مستواه كمبتدي، ولا موضوع الدرس و الهدف منه.

مشغولٌ دائما ب : كيف نَقنع غير السُّني، أو العلماني أو الملحد أو غيره ، مُغرم بالمناظرات و الردود
يتفنّن في اختراع شبهات لا رُبما لا أعلم في حياتي من أثاراها، أو فكّر فيها .

 و مع هذا : فهو لا يعتني بضبط الأبواب و لا القواعد ولا المُحكمات  ..
ويقول : أريد أن أتخصص في ردّ الشبهات ! ، هكذا كأنّه يمكنه أن يبدأ بذلك و يتخطّى   التأصيل العلمي  .

قلتُ: و الله لم أر واحدا من هؤلاء  أفلحَ في دراسته

بل : يعيش في اضطراب و قلق و شبهاتٍ هو مَن أدخل نفسه فيها دون أدنى داعٍ ، فلا هو مُتعلمٌ مستيقنٌ مُطمئن ، و لا هو (من باب أولى) يستطيع أن يُقرّر حقّا، أو يُفصّل باطلا و يكشف زيفه !!!
و والله كثير منهم ترك طلب العلم من أساسه!.

و وُجود هؤلاء قد أفسدَ كثيرا من الدورات العلمية حيث يخرجُ المُعلِّمَ عن موضوع الدرس وهدفه فيتحوّل الدرس إلى فتاوى مبتورة، أو جدالٍ ناقص لا يزيدُ الأمور إلا التباسًا ، و يجني على موضوع الدورة الأساس!.

و لا يتحمّل ذلك هؤلاء وحدهم. بل يتحمّله كذلك المعلّمُ قليلُ الوعْي  حيث لا يعِي دوره كمعلّم مُديرٍ للدرس  يفهم طبيعة عمله و موضوع درسه و أهدافه فلا يحيدُ عنها إلا لما هو في صالحها .

أخي الكريم :
- اعتن بنفسك ، واطلب الهدى لها من وجهه أوَلًا قبل أن تفكّر في تفاصيل وجزئيات، أو دفع إشكالات، أو رَد شبهات أو إقناع مخالف .

-و اطلب المُحكمات و القواعد و اعرفْ حُجَجَها، وكبار المسائل و صورتها و اطلب الحق فيها بأدلته ووجه الاستدلال منها ، ثم ما أشكل عليها و رَدَه ، ثم استقِم عليه .

-ثم اطلب علم الاستدلال و التقرير، وطرائق النقد و المناظرة
-ثم فكّر  بعد ذلك في أن تُقنع غيرك ، و ادخل البيوت من أبوابها                                                 
و قريبٌ من  ذلك قول الإمام ابن تيمية رحمه الله : ((لابد أن يكون مع الإنسان أصولٌ كليةٌ تُرَدُّ إليها الجزئياتُ، ليتكلم بعلم وعدل، ثم يعرف الجزئيات: كيف وقعت، وإلا فيبقى في كذبٍ وجهلٍ في الجزئيات، وجهلٍ وظلمٍ في الكليات؛ فيتولد فساد عظيم)).

وقال : ((إنَّ معرفةَ أصول الأشياء و مبادئها، ومعرفة الدِّين و أصلِّه ،وأصلِ ما تولّد فيه = من أعظم العلوم نفعا إذ المرءُ مالم يُحط علما بحقائق الأشياء التي يحتاج إليها يبقى في قلبه حَسَكة )).

كتبه : حسين عبدالرازق

وهذا الكلام يستقيم مع ما جاء

عن ذي النون بن إبراهيم المصري (ت 245 وقيل 250)قال: «من أعلام البصر بالدين معرفة الأصول لتسلم من البدع والخطأ والأخذ بالأوثق من الفروع احتياطا لتأمن»

وعن أبي القاسم عبيد الله بن عمر بن أحمد الشافعي(ت  360 )قال: «إن من حق البحث والنظر الإضراب عن الكلام في فروع لم تحكم أصولها والتماس ثمرة لم تغرس شجرها وطلب نتيجة لم تعرف مقدماتها»

وقال الأصمعي : " سمعت أعرابيا يقول: إذا ثبتت الأصول في القلوب نطقت الألسن بالفروع والله يعلم أن قلبي لك شاكر ولساني لك ذاكر وهيهات أن يظهر الود المستقيم من القلب السقيم "

قال أبو عمر (ابن عبد البر) رحمه الله : " ولقد أحسن القائل:

وكل علم غامض رفيع ... فإنه بالموضع المنيع
لا يرقى إليه إلا عن درج ... من دونها بحر




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة ل مدونة سبيل الرشد 2016