الخميس، 12 يوليو 2018

الرد على افتراءات مرجئة سحاب ورمي بالخارجية بلا برهان

الرد على افتراءات مرجئة سحاب ورمي بالخارجية بلا برهان

الرد على افتراءات مرجئة سحاب ورمي بالخارجية بلا برهان

الرد على افتراءات مرجئة سحاب ورمي بالخارجية بلا برهان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

 قال بعض لاعقي الأحذية إنني أقول عن فلان بأنه طاغوت لأنه يحكم بغير ما أنزل الله
قالوا عني بأنني أقول بأنه لا سمع ولا طاعة لمن حكم بغير ما أنزل الرحمن
قالوا عني بأنني تكفيري، حيث أني أكفر من كفره الله ورسوله
أما عن قولكم الأول بأن فلانًا أو غيره ممن وافقه في الفعل بأن حكم بغير ما أنزل الله، فنعم أنا قلت ولا زلت أقول وسأظل أقول بأن من حكم بغير ما أنزل الله طاغوت، ويجب علي المسلم أن يكفر بهذا الطاغوت
قال الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في بيان معنى الطاغوت:”اعلم رحمك الله، أن أول ما فرض الله على ابن آدم: الكفر بالطاغوت، والإيمان بالله والدليل قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [سورة النحل آية: 36] .
فأما صفة الكفر بالطاغوت فأن تعتقد بطلان عبادة غير الله، وتتركها، وتبغضها، وتكفر أهلها، وتعاديهم، وأما معنى الإيمان بالله فأن تعتقد، أن الله هو الإله المعبود وحده، دون من سواه، وتخلص جميع أنواع العبادة كلها لله، وتنفيها عن كل معبود سواه، وتحب أهل الإخلاص وتواليهم، وتبغض أهل الشرك وتعاديهم ; وهذه ملة إبراهيم التي سفه نفسه من رغب عنها، وهذه هي الأسوة التي أخبر الله بها في قوله: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [سورة الممتحنة آية: 4] .
والطاغوت: عام في كل ما عُبد من دون الله، فكل ما عبد من دون الله، ورضي بالعبادة، من معبود، أو متبوع، أو مطاع في غير طاعة الله ورسوله، فهو طاغوت، والطواغيت كثيرة، ورؤوسهم خمسة”
ثم ذكر من الخمسة قسمين وهما
الثاني: الحاكم الجائر، المغير لأحكام الله تعالى، والدليل قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً} [النّساء:60] .
الثالث: الذي يحكم بغير ما أنزل الله، والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [سورة المائدة آية: 44] …
واعلم أن الإنسان ما يصير مؤمنًا بالله، إلا بالكفر بالطاغوت، والدليل قوله تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم} [البقرة: 256] ، الرشد: دين محمد، والغي: دين أبي جهل، والعروة الوثقى: شهادة أن لا إله إلا الله، وهي متضمنة للنفي والإثبات. تنفي جميع أنواع العبادة عن غير الله تعالى، وتثبت جميع أنواع العبادة كلها لله وحده لا شريك له.”
لذلك من يظن أن من حكم بغير ما أنزل الله ليس طاغوتًَا فليعلم أنه مخالف للقرآن والسنة، وأن في توحيده خلل، فإن الله أوجب على المسلم أن يكفر بالطاغوت وإلا فما كفر به حقيقة كما في نص آية البقرة [256]، ويا ليت الأمر عند طواغيت الزمان توقف عند مسألة الحكم بغير الشرع بل تجاوز الأمر إلى حرب وطمس الشرع، فمن مهادنة وموالاة للكفار والصليبيين، إلى قتل للمسلمين والتنكيل بهم بدعوى حرب الإرهاب
فتبًا لكم يا لاعقي الأحذية فإن ديننا لا يلتقى مع دين الطواغيت في شيء إلا المسميات - كخانة الديانة في هوية الشخص - ، والله الموعد
أما عن قولكم الثاني بأننى أعتقد لا سمع ولا طاعة ولا بيعة لمن حكم بغير الشرع، فنعم اعتقد ذلك ولا يلزم من قولي جواز الخروج على من حكم بغير الشرع، فإن الخروج مناط بشروط متى توفرت جاز جهادهم وقتالهم،1 وذلك ليس من فهمي واختراعي بل هو ما دل عليه الشرع وفهمه العلماء، حتى العلماء الذين انتسبوا للفرق الضالة
أما أدلة الشرع
فقد أوجب الله على الحاكم أن يحكم بما أنزل الله يقول الله تعالى:{يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} (26) سورة ص
وقال عز شأنه:{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (48) سورة المائدة
فوظيفة الحاكم ودوره أن يسوس رعيته ويحكمهم بالحق, والحق هو الحكم بما أنزل الله، وليس سواه, وليس له أن يعدل عن شرع الله في القليل قال تعالى{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (39) سورة الأنفال, فكل الدين لا بد أن يكون لله
وقد بين العلماء دور ووظيفة الحاكم
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:”فالمقصود الواجب بالولايات : إصلاح دين الخلق الذي متى فاتهم خسروا خسرانًا مبينًا ولم ينفعهم ما نعموا به في الدنيا، وإصلاح ما لا يقوم الدين إلا به من أمر دنياهم”[مجموع الفتاوى 28/262]
ويقول أيضًا:”يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين؛ بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها … ولأن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة . وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد والعدل وإقامة الحج والجمع والأعياد ونصر المظلوم . وإقامة الحدود لا تتم إلا بالقوة والإمارة ؛… فالواجب اتخاذ الأمارة دينًا وقربة يتقرب بها إلى الله ؛ فإن التقرب إليه فيها بطاعته وطاعة رسوله من أفضل القربات . وإنما يفسد فيها حال أكثر الناس لابتغاء الرياسة أو المال بها”[مجموع الفتاوى 28/390-391]
ويقول ابن حزم الجهمي2:”اتفق جميع أهل السنة وجميع المرجئة وجميع الشيعة وجميع الخوارج على وجوب الإمامة وأن الأمة واجب عليها الانقياد لإمام عادل يقيم فيهم أحكام الله ويسوسهم بأحكام الشريعة التي أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم”[الفصل في الملل والنحل 4/72]
يقول النووي:”وجوب الإمامة وبيان طرقها، لا بد للأمة من إمام يقيم الدين، وينصر السنة، وينتصف للمظلومين، ويستوفي الحقوق ويضعها مواضعها.”[روضة الطالبين 10/42]
يقول شيخ مشايخ العصر ابن إبراهيم رحمه الله مبينًا شأان الولاية فيقول:”فإن أهم مقاصد الولاية إقامة دين الله، وإلزام الخاصة والعامة من المسلمين بالتزام فرائضه ولاسيما التوحيد والصلاة والزكاة” [فتاوى ورسائل ابن إبراهيم 4/114]
فمن ينكر على من يرى عدم السمع والطاعة لمن حكم بغير الشرع ، كان عليه بداية أن يوضح لنا دور ووظيفة الحاكم في الشريعة، وهل الأمر ليس إلا الطعام والشراب واللباس أم إنه دين ينبغى أن يُقام كما أمر الله يقول ابن تيمية رحمه الله:”وليس المقصود بالدين الحق مجرد المصلحة الدنيوية من إقامة العدل بين الناس في الأمور الدنيوية كما يقوله طوائف من المتفلسفة في مقصود النواميس والنبوات أن المراد بها مجرد وضع ما يحتاج إليه معاشهم في الدنيا من القانون العدلي الذي ينتظم به معاشهم لكن هذا قد يكون المقصود في أديان من لم يؤمن بالله ورسوله من اتباع الملوك المتفلسفة ونحوهم مثل قوم نوح ونمرود وجنكيزخان وغيرهم فإن كل طائفة من بني آدم محتاجون إلى التزام واجبات وترك محرمات يقوم بها معاشهم وحياتهم الدنيوية وربما جعلوا مع ذلك ما به يستولون به على غيرهم من الأصناف ويقهرونه كفعل الملوك الظالمين مثل جنكيزخان
فإذا لم يكن مقصود الدين والناموس الموضوع إلا جلب المنفعة في الحياة الدنيا ودفع المضرة فيها فليس لهؤلاء في الآخرة من خلاق ثم إن كان مع ذلك جعلوه ليستولوا به على غيرهم من بني آدم ويقهرونهم كفعل فرعون وجنكيزخان ونحوهما فهؤلاء من أعظم الناس عذابا في الآخرة… وهؤلاء المتفلسفة الصابئة المبتدعة من المشائين ومن سلك مسلكهم من المنتسبين إلى الملل في المسلمين واليهود والنصارى يجعلون الشرائع والنواميس والديانات من هذا الجنس لوضع قانون تتم به مصلحة الحياة الدنيا ولهذا لا يأمرون فيها بالتوحيد وهو عبادة الله وحده ولا بالعمل للدار الآخرة ولا ينهون فيها عن الشرك بل يأمرون فيها بالعدل والصدق والوفاء بالعهد ونحو ذلك من الأمور التي لا تتم مصلحة الحياة الدنيا إلا بها ويشرعون التأله للمخلصين والمشركين”[قاعدة في المحبة ص45-47]

فلو كانت الولاية مجرد توفير متطلبات الحياة فقط فلا فرق إذًا بين من يحكم بالشرع ومن بحكم بغيره 

بل هناك بلاد كافرة يمكن للمسلم أن يعبد الله فيها بلا خوف وربما أو يكون داعية إلى توحيد الله جاهرا فيها بالكفر بالطاغوت 

ولا يمكن ذلك في بلاد منسوبة للإسلام 

فكيف يمكن أن نقر بولاية من يحول بيننا وبين ديننا ؟! 

هذا وقد بين الشارع وقيد السمع والطاعة بتحكيم الشرع فلما الإنكار؟ وكيف الإنكار؟ وأين تعظيم الكتاب والسنة؟
عن أنس قال قال صلى الله عليه وسلم “اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب الله” رواه البخاري, وعن أم الحصين الأحمسية رضي الله تعالى عنها قالت:”حججت مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حجة الوداع … سمعته يقول: إن أمر عليكم عبد مجدع – حسبتها قالت: أسود – يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا”رواه مسلم, وفي رواية: الترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد وصححه الألباني في ص الترمذي قالت سمعته يقول: “يا أيها الناس اتقوا الله وإن أمر عليكم عبد حبشي مجدع فاسمعوا له وأطيعوا ما أقام فيكم كتاب الله”
وعند شرحه لحديث أم الحصين رضي الله عنها يقول النووي:”فأمر صلى الله عليه وسلم بطاعة ولي الأمر ولو كان بهذه الخساسة ما دام يقودنا بكتاب الله تعالى قال العلماء معناه ما داموا متمسكين بالإسلام والدعاء إلى كتاب الله تعالى على أي حال كانوا في أنفسهم وأديانهم وأخلاقهم ولا يشق عليهم العصا بل إذا ظهرت منهم المنكرات وعظوا وذكروا “[شرح مسلم للحديث رقم 1298] أي إنهم إن تمسكوا بالإسلام وإتباع القرآن والدعاء إليه في كل حال, لا يخرج عليهم بل يوعظوا ويذكروا بالله, فماذا إن لم يتمسك ولي الأمر بالإسلام ولم يتبع القرآن ؟! هل يوعظ ويذكر فقط دومًا وأبدًا حتى وإن هلك العباد ودين العباد والذي من أجله بويع هذا الإمام؟!
يقول الشيخ عبدالكريم الخضير:”إن أمر عليكم عبد مجدع”: يعني مجدع الأطراف، حسبتها قالت أسود: كلها أوصاف نقص، عبد، ومجدع، وأسود، ويقودكم بهذا الشرط”يقودكم بكتاب الله تعالى فاسمعوا له وأطيعوا”: بهذا الشرط، وعلى هذا تكون البيعة.”[شرح كتاب الحج من صحيح مسلم رقم16]
وعن معاوية رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم:”إن هذا الأمر في قريش، لا يعاديهم أحد إلا كبّه الله في النار على وجهه ما أقاموا الدين” رواه البخاري
يقول ابن حزم الجهمي3منتصرًا لإمامة القرشي:”إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نص على وجوب الإمامة وأنه لا يحل بقاء ليلة دون بيعة وافترض علينا بنص قوله الطاعة للقرشي إمامًا واحد ألا ينازع إذا قادنا بكتاب الله عز وجل فصح من هذه النصوص النص على صفة الإمام الواجب طاعته كما صح النص على صفة الإمام الواجب طاعته…فكل قرشي بالغ عاقل بادر إثر موت الإمام الذي لم يعهد إلى أحد فبايعه واحد فصاعدًا فهو الإمام الواجب طاعته مما قادنا بكتاب الله تعالى وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أمر الكتاب باتباعها فإن زاغ عن شيء منهما منع من ذلك وأقيم الحد والحق فإن لم يؤثر أذاه إلا بخلعه خلع وولي غيره”[الفصل في الملل والنحل 4/84]
يقول بدر الدين العيني :”قوله: (ما أقاموا الدين) أي: مدة إقامتهم الدين، ويحتمل أن يكون معناه: أنهم إن لم يقيموه فلا تسمع لهم، وقيل: يحتمل أن لا يقام عليهم، وإن كان لا يجوز بقاؤهم. وقد أجمعوا على أنه إذا دعا إلى كفر أو بدعة يُقام عليه”[عمدة القاري 16/74]
يقول الشيخ الشنقيطي رحمه الله:”فاشتراط كونه قرشيًا هو الحق، ولكن النصوص الشرعية دلت على أن ذلك التقديم الواجب لهم في الإمامة مشروط بإقامتهم الدين وإطاعتهم لله ورسوله، فإن خالفوا أمر الله فغيرهم ممن يطيع الله تعالى وينفذ أوامره أولى منهم … وتقرير المعنى: إن هذا الأمر في قريش مدة إقامتهم الدين، ومفهومه: أنهم إن لم يقيموه لم يكن فيهم. وهذا هو التحقيق الذي لا شك فيه في معنى الحديث”[التفسير – آية 30 البقرة]
يقول الشيخ حمود التويجري رحمه الله “قال البيهقي: “أي: أقاموا معالمه، وإن قصروا هم في أعمال أنفسهم”. قلت: وفي تقييده صلى الله عليه وسلم بقاء ملك قريش بإقامة الدين دليل على أنهم إذا لم يقيموا الدين فإن الأمر يخرج عنهم إلى غيرهم، وهكذا وقع الأمر؛ كما هو معروف عند أهل العلم. ويستفاد من هذا الحديث أن مُلْكَ ملوك المسلمين مرتبط بإقامة دين الإسلام، فمن أقامه ثبت ملكه، ومن ضيعه خرج الأمر من يده ولا بد”[إتحاف الجماعة 1/256]
ويقول الشيخ عبدالعزيز الراجحي حفظه الله :”ولا بد أن تتوفر شروط في الخليفة الذي يختار, فمن الشروط أن يكون قرشيًا, لقول النبي صلى الله عليه وسلم:”الأئمة من قريش” ولقوله صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الصحيحين-:”لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان”, ثم قيد ذلك بقوله: ” ما أقاموا الدين” فشرط أن يقيموا الدين”[ شرح أصول السنة للإمام أحمد 173-174]
ويبين الشيخ ابن باز مفهوم إقامة الدين بوضوح فيقول رحمه الله:”وحقيقته(الإسلام): توحيد الله عز وجل في ملكه وتدبيره وأفعاله وفي عبادته سبحانه وفي أسمائه وصفاته، والانقياد لأمره وقبول شريعته والدعوة إلى سبيله والاستقامة على ذلك والاجتماع عليه وعدم التفرق فيه وهذا هو الدين الذي أمرنا بإقامته وأمر الله الرسل ومن بعدهم بإقامته كما قال تعالى:{أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيه}فإقامة الدين معناها: قبوله، والتزامه، وإظهاره، والدعوة إليه، والسير عليه، والثبات عليه، واجتماع على ذلك قولًا وعملًا وعقيدة، وعدم التفرقة في ذلك، وبهذا تجتمع كلمة المسلمين ويتحد صفهم”[فتاوى بن باز 2/219]
ويقول الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى:” {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ} أي: أمركم أن تقيموا جميع شرائع الدين أصوله وفروعه، تقيمونه بأنفسكم، وتجتهدون في إقامته على غيركم، وتعاونون على البر والتقوى ولا تعاونون على الإثم والعدوان.{وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} أي: ليحصل منكم الاتفاق على أصول الدين وفروعه، واحرصوا على أن لا تفرقكم المسائل وتحزبكم أحزابًا، وتكونون شيعًا يعادي بعضكم بعضًا مع اتفاقكم على أصل دينكم.”
وعن علي رضي الله عنه قال:” حَقٌّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ , وَأَنْ يُؤَدِّيَ الْأَمَانَةَ , فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ حَقًّا عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَسْمَعُوا وَيُطِيعُوا وَيُجِيبُوا إِذَا دُعُوا”[أثر صحيح]
وقد كان السلف عند البيعة لا يبايعون على غير الكتاب والسنة
روى البخارى في صحيحه في شأن بيعة عثمان رضي الله عنه عن المسور بن مخرمة :”لما اجتمعوا تشهد عبد الرحمن، ثم قال: “أما بعد، يا علي إني قد نظرت في أمر الناس، فلم أرهم يعدلون بعثمان، فلا تجعلن على نفسك سبيلًا”، فقال: أبايعك على سنة الله ورسوله، والخليفتين من بعده، فبايعه عبد الرحمن، وبايعه الناس : المهاجرون والأنصار، وأمراء الأجناد، والمسلمون ”
وروى البخاري أن ابن عمر كتب إلى عبد الملك بن مروان يبايعه: “بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد: لعبد الملك بن مروان أمير المؤمنين، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، وأقر لك بالسمع والطاعة على سنة الله وسنة رسوله فيما استطعت”
يقول ابن حجر[الفتح-حديث7210]:”والأصل في مبايعة الإمام أن يبايعه على أن يعمل بالحق ويقيم الحدود ويأمر بالمعروف وينهي عن المنكر”ومعنى كلام ابن حجر تحكيم الشرع, فلا حق سيُعمل به ولا حدود ستُقام ولا أمر بمعروف أو نهي عن منكر سيكون والشرع غائب
وعلى هذا الشرط تنازل الحسن لمعاوية- رضي الله عنهما – عن الخلافة, قال ابن بطال في شرح البخاري:”سلم الحسن الأمر إلى معاوية وصالحه وبايعه على السمع والطاعة على إقامة كتاب الله وسنة نبيه”[8/97 ط الرشد]
ومن أجل ذلك أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على الحسن فقال فيه:”إن ابنى هذا سيد سيصلح الله به بين فئتين من المسلمين”فهل كان النبي صلى الله عليه وسلم يثنى على ابن ابنته رضي الله عنها وهو سيسلم الأمة لمن يحكمها بغير كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ؟!
سُئل الشيخ مقبل الوادعي السؤال التالي
“هل يستحق حكام المسلمين البيعة ؟
الشيخ مقبل: هذا نحيله على حكام المسلمين، نقول لهم: إن كانوا عملاء لأمريكا و… لأنفسهم فلا تصح لهم البيعة، وإن لم يكونوا عملاء لأمريكا وكانوا يطبقون الشريعة فتصح لهم البيعة. الجواب كافي يا إخوان؟ السائل: نعم كافي، والمكرهون؟ الشيخ مقبل: لا لا، إذا أكره يبايع.”[مقطع مفرغ ]
ولا فرق بين من تغلب ومن أتى بطريقة شرعية أو غير شرعية، فشرط طاعته تحكيم الشرع
يقول الماوردي الأشعري [الأحكام السلطانية ص 47]:” ولكن ينظر في أفعال من استولى على أموره، فإن كانت جارية على أحكام الدين ومقتضى العدل جاز إقراره عليها تنفيذًا لها وإمضاء لأحكامها؛ لئلا يقف من الأمور الدينية ما يعود بفساد على الأمة. وإن كانت أفعاله خارجة عن حكم الدين ومقتضى العدل لم يجز إقراره عليها، ولزمه أن يستنصر من يقبض يده ويزيل تغلبه” وبنفس السياق قاله القاضي أبو يعلي الفراء في[الأحكام السلطانية ص 22]
ويقول الشيخ ابن إبراهيم رحمه الله:”نصب الإمام واجب ضروري يسمع له ويطاع. ثم نعلم أن الولاية تثبت بأمور : منها نصب أهل الحل والعقد وهو الذي نص هنا. ومنها أن يأخذها قهرًا بسيفه ومن معه ويكون فيه الأمر الكافي ويقهر غيره لا يرجع إلي أحد فإنه يثبت له حكم الولاية. الثالث: أن يعهد إليه ممن قبله. والكل والمدار هو إقامة الشرع وحفظ كيان الأمة والقيام بحقوقهم.[فتاوى ابن إبراهيم 12/ 173]

وهذه الشريعة تقتضى الجهاد والقتال من أجلها فإنها مقتضى إقامة عبودية الله على الأرض قال الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله:” فمن اعتقد أن تحكيم شريعة الإسلام، يفضي إلى القتال والمخالفة، وأنه لا يحصل الاجتماع والألفة، إلا على حكم الطاغوت، فهو كافر عدو لله ولجميع الرسل؛ فإن هذا حقيقة ما عليه كفار قريش، الذين يعتقدون أن الصواب ما عليه آباؤهم، دون ما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم…إذا عرفت أن التحاكم إلى الطاغوت كفر، فقد ذكر الله في كتابه أن الكفر أكبر من القتل، قال: {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ}، وقال: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ}، والفتنة: هي الكفر; فلو اقتتلت البادية والحاضرة، حتى يذهبوا، لكان أهون من أن ينصبوا في الأرض طاغوتا، يحكم بخلاف شريعة الإسلام، التي بعث الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم.”[الدرر 10/510]

 قالوا عني أنى تكفيري أكفر بلا روية وبلا سند، وهذا عين الكذب والغش للمسلمين، فوالله ما نكفر إلا من يكفره الشارع وأجمع عليه علماء المسلمين، ومن كفر بدليل لا يسمى تكفيري
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله :”إن الرجل إذا نسب المسلم إلى النفاق والكفر متأولًا وغضبًا لله ورسوله ودينه لا لهواه وحظه فإنه لا يكفر بذلك بل لا يأثم به بل يثاب على نيته وقصده وهذا بخلاف أهل الأهواء والبدع فإنهم يكفرون ويبدعون لمخالفة أهوائهم ونحلهم وهم أولى بذلك ممن كفروه وبدعوه” [زاد الميعاد 3/373 ط الرسالة] ويقول عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ رحمهم الله :” فلو قدر أن رجلًا من المسلمين قال في أناس : قد تلطخوا بأمور، قد نص العلماء على أنها كفر، مستندين في ذلك إلى الكتاب والسنة، غيرة لله وكراهة لما يكره الله من تلك الأعمال. فغير جائز لأحد أن يقول في حقهم. ومن كفّر مسلمًا فهو الكافر.”[الدرر السنية 8/268]
فهاتوا قولًا واحدًا كفرنًا فيه بلا دليل ونحن نرجع عنه

—————————-

1– كثير مما جاء تحت هذه النقطة من بحث ” صحة أثر”حَقٌّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ” وبيان دلالته وفوائده ورد طعونات المرجئة حوله للعبد الفقير, يسر الله إتمامه

2- من وصفه بالجهمي هو شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن عبدالهادي رحمهما الله

3- انظر أيها القارىء الكريم تجد الجهمى كابن حزم والأشعري كالماوردي والجوينى وغيرهم كثير من أقطاب الفرق المنحرفة عن الكتاب والسنة قد بينوا وفقهوا مفهوم الولاية ودور الحاكم والغاية من ولايته ولكن تنظر وتجد أدعياء السلفية ومن يزعمون نصرة الأثر على عقيدة خبيثة في مفهوم الطاعة والولاية الحقة 





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة ل مدونة سبيل الرشد 2016